الثلاثاء، 3 ديسمبر 2019

العالم العربي خلال القرن 19 و20م

العالم العربي خلال القرن 19 و20م (موضوع شامل)

واجه العرب في تاريخهم تحديات عدة تمثلت في غزوات كان بعضها استيطاناً كما في الجزائر وفلسطين. وكان عليهم أن يواجهوا مهمات عدة لتوحيد أقطارهم وبناء مجتمع متكامل ونظام أفضل، لأن المواجهة في سبيل التحرير والبناء شكّلت الإطار الذي نشأ فيه الفكر العربي المعاصر وتطور خلال ما يزيد على قرن ونصف القرن.
وفي إطار هذه المواجهات عرف عصر النهضة الاحتكاك بالغرب وانتشار التعليم ونشوء الجمعيات الثقافية والحركات السياسية والتيارات الدينية. وبدأت تطرح الأسئلة من مواقع مختلفة: ما هي أسباب ضعف الشرق حتى تمكّن الغرب من اجتياحه والتغلب عليه؟ وما هو الداء وما هو الدواء؟ وكيف يكون التعامل مع الغرب وما طبيعته؟ وهل نقبل على الثقافة الغربية أم نرفضها كلياً أو جزئياً؟ وكيف ننهض من كبوتنا ونصلح حياتنا؟ وما هو السبيل للخروج من حال الركود والانحطاط والجهل والتخلف إلى حال الحركة والتقدم والعلم والقوة؟
وخلال تلك الحقبة، لم يتبن المجتمع العربي خطاً إصلاحيا واحداً، ولم تتحدد آراء المصلحين في ضوء المجتمع الذي يعيشون فيه فحسب، بل أيضاً في ضوء التأثيرات الأجنبية التي كانت تأتي عبر الإرساليات التبشيرية، أو عبر التأثيرات الشخصية التي اكتسبها على الأخص متنورو سورية ولبنان. فتوجه قسم من المتعلمين نحو الغرب يستمد منه نظمه وأفكاره، وتوجه البعض الآخر نحو النظم الإسلامية لطرح أفكاره الإصلاحية انطلاقاً من تشريعات الإسلام ومبادئه التي تدعو إلى التمسك بالمقومات الأساسية للدين الإسلامي.
ونظرة سريعة ترينا أنّ الغرب هذه المرة أمكنه أن يتجاوز العرب في مختلف مناحي الفكر واتجاهاته بسبب انغلاق العرب على أنفسهم وبعدهم عن المنابع الأساسية التي تمكّنهم من الانطلاق في مشارق الأرض ومغاربها، واقتصر نشاطهم الفكري على احتراز التراث التليد والتقليد بالحرف والكلمة. فلما أتيح لهم الاطلاع على نهضة الغرب وقفوا منها موقف المذهول العاجز، ثم أقبلوا عليها يحاولون فهمها واستيعابها.
ولم يتردد فريق منهم في تبنّي كل ما في الفكر الغربي من منجزات علمية ونظريات فلسفية ومذاهب أدبية وفنية، بينما وقف فريق آخر موقف الحذر المتردد محاولاً التوفيق بين تلك العلوم والنظريات والمذاهب وبين تراث العرب الفكري، خصوصاً ما كان منها يمسّ العقيدة الإسلامية ويخرج عن منهاج السلف الصالح أو لم ير شيئاً جديداً يستحق العناية والاهتمام، فوقف منها موقف الرافض المستنكر.
وعكس القرن التاسع عشر بالنسبة إلى العالم العربي مرحلة مهمة بظهور حركات تاريخية تمثلت ببروز الجمعيات السياسية والعلمية ورجال التحديث الإسلامي ورواد الإصلاح الإسلامي والاتجاهات العلمانية والقومية. ومن تفاعل هذه الاتجاهات المتعددة، بدأت تظهر بوادر الوعي وحركات الإصلاح والتغيير في أنحاء العالم العربي، كما بدأت تظهر وسائل نقل ونشر ذلك الوعي وهذه الحركات، فكثرت المدارس وانتشرت المطابع والصحف وانتشر التعليم وازدهر، كما نما وتطور بعد عودة الطلاب من البعثات العلمية التي توجهت إلى أوروبا.
وأسهم كل ذلك في نقل الأفكار التحررية التي سادت أوروبا في القرن التاسع عشر إلى أنحاء الدولة العثمانية، فولد تيارات علمية وسياسية جديدة لعلماء ومفكرين سياسيين مجددين ومصلحين وثوار. وتبلور هذا كله خلال القرن التاسع عشر بظهور بعض رموز التحديث الإسلامي رفاعة الطهطاوي وخير الدين التونسي الذين لاحظوا مدى البون الشاسع بين التقدم العلمي والتفوق الاقتصادي في أوروبا، وما كان عليه المسلمون من تأخر في العلوم وتخلّف في الحياة الاقتصادية.
وأتيح لعدد من هؤلاء العلماء المستنيرين المسلمين أن يتعلّموا اللغات الأوروبية وأن يقيموا في أوروبا فترات من الزمن تمكنوا خلالها من الاطلاع على المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية فيها، ودراسة التيارات الفكرية المتعددة واستيعاب آراء المفكرين البارزين، وترجمة آثارهم الفكرية. فكان طبيعياً أن يقارنوا بين ما رأوه وعاشوه ودرسوه، وبين ما كانت عليه أوضاع المسلمين السياسية والاقتصادية وأحوالهم الاجتماعية والأخلاقية، ولم يجدوا بداً من العودة إلى ينابيع الإسلام الأولى يستلهمون منها الحل للمشكلات الملحة التي تواجههم وأن يوفّقوا بين جوهر عقيدتهم وبين العلوم والمبادئ والمؤسسات الغربية.
أما في الربع الأخير من القرن التاسع عشر فقد أخذت تظهر"صيغ تنظيمية"كانت في بادئ الأمر جمعيات علمية أو ثقافية، ثم تطورت إلى حلقات علمية ذات مضمون سياسي، ولم تلبث بعدها أن ظهرت الجمعيات والأحزاب السياسية مع مطلع القرن العشرين.
وانطلق الصوت الأول من جريدة"لسان الحال"في بيروت لخليل سركيس التي نشرت خلال عام 1878 مقالات عدة تطالب بتحقيق الإصلاح. وعرفت سورية بعض الجمعيات العلمية، منها"الجمعية السورية"التي تأسست في بيروت أواخر عام 1847، وهي جمعية علمية كان من مؤسسيها بطرس البستاني وفان ديك الأميركي، وهما اللذان عملا معاً على تأسيس مدرسة عربية في لبنان. وبقيت الجمعية تعمل بنشاط حتى عام 1851، وظلت رائدة في نظمها وجرى عليها كثير من الجمعيات التي قامت بعدها، وكانت مكتبتها العظيمة قبلة طلاب العلم، وتحوي العديد من أمهات الكتب.
أما في دمشق فقد ازدهرت الجمعيات العلمية في عهد ولاية مدحت باشا على سورية، وهو الذي أسس جمعية المقاصد الخيرية في دمشق وغيرها من المدن السورية بعد أن حوّل أموال الأوقاف إلى المجال العلمي، فافتتح الفروع لمدارس الجمعية في الولاية. وعند صدور الإرادة السنية سنة 1883 بتحويل المقاصد الخيرية الإسلامية إلى مجلس معارف كان عدد الجمعيات ازداد في دمشق ازدياداً ملموساً.
أما في القدس فقد كانت هناك جمعيتان: الأولى جمعية"سوسنة صهيون"وهي فرع جمعية اتحاد الشبان المسيحية في لندن، أنشئت عام 1877، والثانية جمعية"الغيرة المسيحية"لطائفة الروم الأرثوذكس. هذا عدا عن الجمعيات التي كانت قائمة في طرابلس وغيرها من المدن السورية.
وأثّرت هذه الجمعيات العلمية تأثيراً فعالاً في نشوء الجمعيات السياسية، وساهمت في تكوين الوعي العام العلمي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي من خلال الأبحاث التي كانت تعرضها للمناقشة، وما كان يترتب على هذا النقاش من تفاعل يساعد في انتشار الوعي بصورة عامة، فساهمت في توفير الإدراك والخبرة اللازمين لتكوين"الصيغ التنظيمية"في مجال العمل السياسي والجماعي.
اعتبرت"جمعية الشورى العثمانية"التي تأسست في مدينة القاهرة برئاسة الشيخ رشيد رضا مع مطلع القرن العشرين، أول التنظيمات السياسية التي أسسها العرب السوريون. واستطاعت هذه الجمعية أن تؤسس فروعاً عدة في مناطق عربية عدة، وتمكّنت أيضاً أن تنشئ صحيفة تحمل اسمها وتعبّر عن مبادئها. ويمكننا أن نصل إلى أهداف ومبادئ هذه الجمعية من خلال وثيقتين أساسيتين:
الوثيقة الأولى: وهي نص اللائحة الأساسية للجمعية التي أعلنها رشيد رضا على صفحات مجلة"المنار"ودعا العثمانيين على أساسها للمسارعة بدخول الجمعية أفواجاً، ولتعضيدها بآرائهم وأموالهم. وتقع اللائحة في عشر مواد تضم المبادئ والأهداف ومعالم النظام الداخلي على الشكل التالي: القصد من تأسيس هذه الجمعية هو جعل الحكومة العثمانية دستورية شورية بالفعل، وأنّ الجمعية ستبذل ما في وسعها للوصول إلى غرضها هذا بكل الوسائل المشروعة. أما من حيث التكوين العضوي للجمعية فتشير اللائحة إلى أن جمعية الشورى العثمانية تؤلف من العثمانيين من غير التفات إلى الدين والجنسية. كما تشير اللائحة إلى أنّ جمعية الشورى هي جمعية علنية لأنّ مقصدها الساعية للحصول عليه ليس خفياً، لذلك يجوز من الآن إعلان وجودها على أن تصبح هذه اللائحة الأساسية باللغات التركية والعربية والأرمنية والفرنسية.
العالم العربي خلال القرن 19 و20م
العالم العربي خلال القرن 19 و20م

أما الوثيقة الثانية فهي نص القانون الأساسي للجمعية الذي يظهر أنّه وضع وأعلن بعد وضع اللائحة الأساسية، ويتألف من ست عشرة مادة مبوبة في خمسة فصول، يحدد الفصل الأول منها مبادئ الجمعية وأهدافها وهويتها بينما تنصرف الفصول الأخرى إلى تنظيم إدارتها الداخلية.
ومن الجمعيات التي ظهرت في تلك الحقبة"جمعية الإخاء العثماني"التي تأسست في خريف عام 1908 على يد بعض العرب المقيمين في إسطنبول منهم عارف المارديني وصادق المؤيد ويوسف شتوان وشكري الأيوبي وشكري الحسيني. وكانت غايتها أن تتعاون مع"جمعية الاتحاد والترقي"التركية للحفاظ على أحكام الدستور، وإنهاض العرب والحفاظ على حقوقهم ومصالحهم واتخاذ جميع الوسائط والتدابير لنشر العلوم والمعارف بين أبنائها كتأسيس المدارس، وإصدار الجرائد وبناء المعامل وتوطين البدو.
وعرفت الساحة العربية العديد من الجمعيات السياسية السرية الأخرى التي لعبت دوراً مهماً في مقاومة الحكم التركي وطرح فكرة إقامة حكم دستوري في البلاد العربية. ونذكر منها على سبيل المثال جمعية"الشورى العثمانية"التي تأسست عام 1908 على يد بعض العرب والأتراك والجركس. ومن الجمعيات الأخرى"جمعية بيروت الإصلاحية"التي تأسست أواخر عام 1912.
ونشير أخيراً إلى حزب"اللامركزية"الذي تأسس في مصر عام 1912 وكذلك جمعية"البصرة الإصلاحية"التي تأسست عام 1913. أما الاطروحات الفكرية التي دعت إليها غالبية الجمعيات السرية ابتداء من عام 1909 وحتى خروج العثمانيين من البلاد العربية عام 1918، فكانت تتراوح بين التأكيد على الإصلاح والمساواة بين الأتراك والعرب والدعوة إلى تعزيز اللغة العربية، وإلى الاستقلال الكلي عن الأتراك.

الاثنين، 2 ديسمبر 2019

دور فلاسفة الأنوار في اندلاع الثورة الفرنسية


دور فلاسفة الأنوار في اندلاع الثورة الفرنسية 
لعب الفلاسفة الفرنسيون دورا هاما في اندلاع الثورة الفرنسية من خلال كتاباتهم المتنوعة حيث تأثر هؤلاء الفلاسفة بالثورة الإنجليزية وفلاسفتها مثل جون لوك و دافيد هيوم . و يعد من أبرزهم الفيلسوف فولتير الذي ألف عدة كتب في شتى الأجناس الأدبية من خلال كتابه القاموس الفلسفي الذي دعى إلى التحرر من قيود الكنيسة و كما انتقذ تعصبها و طغيانها بالإضافة إلى احتكار الملكية المطلقة لكل السلط ، وقد مجد فولتير النظام الملكي الإنجليزي حيث يمارس الملك سلطة رمزية و يسود البرلمان و القانون بالإضافة إلى كتابة سؤال في التسامح الذي انتقذ فيه تعصب الكنيسة الكاثوليكية عموما و نهى إلى اللجوء إلى التعذيب و قد تبنى فولتير الديانة الطبيعية ( Deisme ) و كما دعا إلى العلمانية أول فصل الدين عن الدولة ، كما دعى أيضا إلى إصلاح النظام القضائي و استقلاله ولم يكتفي بذلك بل ألف في أجناس أدبية شعرية بطولية تنبذ العنف وكذا قصص فلسفية و ملاحم مأساوية مسرحية ، أما مونتيسكو فقد دعى إلى فصل السلط عن بعضها و ذلك من خلال إلغاء الملكية و إقرار النظام النظام الجمهوري كل هذه الأفكار عرفها مونتيسكو في كتابه روح القوانين . ثم جون جاك روسو و الذي ألف كتاب العقد الإجتماعي والذي يعتبر مرجع الديمقراطيات الحديثة لما قدمه من أفكار سياسية من بينها إقرار الديموقراطية و تبني النظام الجمهوري و إلغاء الملكية و إقرار حق الشعب في التصويت . و لقد قام دلمبير و ديدرو بتأليف موسوعة عملاقة تعالج مختلف الأجناس الأدبية و العلمية و التاريخية و الفنية و الإقتصادية ساهمت في نشر فكر الأنوار .
أسباب قيام الثورة الفرنسية :
الأسباب العسكرية : تجلت في انهزام لويس 15 في حرب سبع سنوات ضد بريطانيا و تكاليفها الباهضة ، بالإضافة إلى فقدان مستعمراتها في كندا والهند ، دون نسيان دعم لويس 16 للثوار في أمريكا و اللجوء إلى القروض دون فائدة ترجى ودون استفادة مادية .الأسباب الإقتصادية : تتجلى في التضخم و الغلاء الذي عرفه الإقتصاد وتردي أحوال البوادي بالإضافة إلى الجفاف الذي ضرب البلاد سنة 1786 م ، و ارتفاع الضرائب المثقلة على الهيئة الثالثة خاصة البورجوازية و إغراق البضائع البريطانية و منافستها للاقتصاد الفرنسي مما ساهم في إفلاس مصانع و الورشات و انتشار الفقر .
الأسباب السياسية : تمثلت في احتكار الملكية المطلقة لدواليب الحكم و امتيازات النبلاء ورجال الدين والذين كانوا يعتبرون فوق قانون ، فقد تكدست الثروات في يديهم بينما رغم أنهم يمثلون نسبة ضعيفة من السكان مما أغضب الفئة الثالثة المحرومة .
مراحل الثورة الفرنسية :
المرحلة الأولى : ( 1792 - 1789م ) و عرفت بمرحلة الملكية الدستورية تحت إشراف الجمعية الوطنية التشريعية ، و قد تميزت بانظمام كل من النبلاء و رجال الدين إليها و تميزت بالسلم الداخلي والخارجي عموما ، و قد تقبل الملك لويس 16 الإصلاحات و التزم بتطبيقها ، فمنذ الهجوم على سجن الباستيل حتى الإقامة الجبرية كانت البورجوازية المعتدلة في سدة الحكم ، لكن تعنت الملك و هروبه المفاجئ و استعانته بالأنظمة الملكية خاصة النمسا جعلت الثوار يعتبرونه خائنا و مهددا للأمن القومي الفرنسي فاشتعلت التمردات .
المرحلة الثانية : ( 1792 - 1795 م ) تميزت بقيام نظام جمهوري بعد تصويت مجلس طبقات الشعب على إعدام الملك لويس 16 الذي حرض عليه روبسبيير و حزبه ، فعرف عهده بالإرهاب و التطرف و قام بإعدام الالف من المواطنين وذلك بذريعة الثورة المضادة وقد شمل إعدامه لخصومه السياسيين المعتدلين أبرزهم مبرابو و دونتو ، مما ساهم في حرب أهلية و حروب مع الأنظمة الملكية في أوروبا فعمت الفوصى و الخوف في نفوس المواطنين و صارت فرنسا تعاني مشاكل اقتصادية مما جعل السياسيين عليه و يعدمونه سنة 1794 م .
المرحلة الثالثة : ( 1795 - 1799 م ) تميزت بحكم المدراء و عودة الجمهورية المعتدلة و تبنت إصلاحات سياسية و اقتصادية هامة و قامت بإنتصار بعدة معارك حربية ضد أوروبا محتلة عدة دول و ظهر فيها نابليون بونابرت القائد المحنك الذي جعل فرنسا لا تقهر و الذي استغل الفوضى و ثقة الجيش و قام بانقلاب زعم فيه حماية الثورة و نشرها في أوروبا و إنهاء الحروب الداخلية و نهج سياسة التسامح مع المعارضين .
نتائج الثورة الفرنسية :
سياسيا : تمثلت في القضاء على النظام الملكي المطلق و امتيازات النبلاء و رجال الدين و إعلان عن ميثاق حقوق الإنسان و المواطن سنة 1789 م ، وجعل السلطة في يد الشعب عبر صناديق الاقتراع لكن فقد للرجال دون النساء الذين كانوا الضرائب في مقابل ذلك ألغي الرق و أعلنت العلمانية كما عرفت تطرفا أحيانا عبر تبني تقويم جمهوري ،
ثقافيا : فقد صارت أخيرا اللغة الفرنسية عامة ورسمية في البلاد . اجتماعيا : فقد تحققت الحرية والمساواة جزئيا لكن البرجوازية تمكنت من الحكم .

خلاصة عامة حول الثورة الفرنسية


خلاصة عامة حول ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ
ﺍﻟﻤـــﻘــــــــــــــــــــــــﺪﻣﺔ:
ﺗﻌﺘﺒﺮﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻫﻢ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ، ﻻ‌ﻥ ﺗﺎﺛﻴﺮﻫﺎ ﻟﻢ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻓﺤﺴﺐ ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺷﻤﻞ ﻛﻞ ﺍﻧﺤﺎﺀ ﺍﻭﺭﻭﺑﺎ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻢ .
ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻓﺘﺮﺓ ﺗﺤﻮﻻ‌ﺕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻛﺒﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻭﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎﻡ. ﺍﺑﺘﺪﺃﺕ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻋﺎﻡ 1789 ﻭﺍﻧﺘﻬﺖ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً ﻋﺎﻡ 1799. ﻋﻤﻠﺖ ﺣﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ، ﻭﺍﻻ‌ﻣﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ﺍﻹ‌ﻗﻄﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻄﺒﻘﺔ ﺍﻻ‌ﺭﺳﺘﻘﺮﺍﻃﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻨﻔﻮﺫ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻲ. ﻭﺃﺩﺕ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺧﻠﻖ ﺗﻐﻴﻴﺮﺍﺕ ﺟﺬﺭﻳﺔ ﻟﺼﺎﻟﺢ "ﺍﻟﺘﻨﻮﻳﺮ" ﻋﺒﺮ ﺇﺭﺳﺎﺀ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻭﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﺔ، ﻭﺑﺮﺯﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﺍﻻ‌ﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟـ ﺟﺎﻥ ﺟﺎﻙ ﺭﻭﺳﻮ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﻨﻈﺮ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭﻓﻴﻠﺴﻮﻓﻬﺎ. ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺇﻝ 75 ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ، ﺣﺪﺛﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﺪﺓ ﺗﻘﻠﺒﺎﺕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺪﻛﺘﺎﺗﻮﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﻭﺍﻹ‌ﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺔ، ﺇﻻ‌ ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺑﺤﺪ ﺫﺍﺗﻬﺎ ﺷﻜﻠﺖ ﺣﺪﺛﺎ ﻣﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ، ﻭﺗﺮﻛﺖ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﺍﻟﻨﻄﺎﻕ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﻭﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻭﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻷ‌ﻭﺭﻭﺑﻴﺔ.
ﺍﻷ‌ﺳـــــــــــــــــﺒـــﺎﺏ:
ﻻ‌ ﺷﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻟﻘﻴﺎﻡ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻛﺎﻥ ﺗﺴﻠﻂ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻭﺗﺪﺧﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻨﺎﺱ ، ﺑﻞ ﻭﻣﺤﺎﺭﺑﺘﻬﺎ ﻟﻠﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ ﻭﺭﺑﻄﻬﺎ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺸﻌﻮﺫﺓ ( ﻭﻻ‌ ﺃﺩﻝ ﻋﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻔﻠﻜﻲ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺟﺎﻟﻴﻠﻴﻮ ﺟﺎﻟﻴﻠﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺻﻔﺘﻪ ﺑﺎﻟﺴﺤﺮ ﻭﺍﻟﻬﺮﻃﻘﺔ ﻟﻤﻌﺘﻘﺪﺍﺗﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﺭﺿﻬﺎ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻣﺜﻞ ﻛﺮﻭﻳﺔ ﺍﻷ‌ﺭﺽ ﻭ ﺩﻭﺭﺍﻧﻬﺎ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭ ﻋﺪﻡ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﻜﻮﻥ .
1- ﺍﻷ‌ﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ :-
ﻋﺮﻑ ﺍﻟﻘﺮﻥ 18ﻡ ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ ﻗﻴﺎﻡ ﺣﺮﻛﺔ ﻓﻜﺮﻳﺔ ﺗﻤﻴﺰﺕ ﺑﻨﺒﺬ ﺍﻟﻼ‌ﻣﺴﺎﻭﺍﺓ، ﻭﻧﺸﺮﺕ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺗﻨﺘﻘﺪ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻭﺍﻣﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻨﺒﻼ‌ﺀ ﻭﺗﻌﺼﺐ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻟﺬﺍ ﺳﻤﻴﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺑﻌﺼﺮ ﺍﻷ‌ﻧﻮﺍﺭ .
ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ: ﻣﻮﻧﺘﺴﻜﻴﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺎﻟﺐ ﺑﻔﺼﻞ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ، ﻓﻮﻟﺘﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﺘﻘﺪ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺕ ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ ، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺭﻛﺰ ﺭﻭﺳﻮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ.
ﺗﻤﻴﺰ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺑﺎﺳﺘﺤﻮﺍﺫ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻭﺍﻟﻨﺒﻼ‌ﺀ ﻭﺍﻹ‌ﻛﻠﻴﺮﻭﺱ (ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ) ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﺗﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻔﻮﻳﺾ ﺍﻹ‌ﻟﻬﻲ ﻣﻊ ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﺩﺳﺘﻮﺭ ﻳﺤﺪﺩ ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻂ.
2- ﺍﻷ‌ﺳﺒﺎﺏ ﺍﻻ‌ﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ :-
ﺍﻋﺘﻤﺪﺕ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﻔﻼ‌ﺣﻲ، ﺣﻴﺚ ﺍﺳﺘﺤﻮﺫ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﻨﺒﻼ‌ﺀ ﻋﻠﻰ ﺃﺧﺼﺐ ﺍﻷ‌ﺭﺍﺿﻲ ﻭﻓﺮﺿﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻼ‌ﺣﻴﻦ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﻛﻞ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺴﺨﺮﺓ ﻭﺍﻟﻀﺮﺍﺋﺐ ﺭﻏﻢ ﺗﻮﺍﻟﻲ ﻣﻮﺍﺳﻢ ﻓﻼ‌ﺣﻴﺔ ﺭﺩﻳﺌﺔ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﺔ 1786 ﻛﻤﺎ ﻋﺎﻧﺖ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﺍﻟﺒﻀﺎﺋﻊ ﺍﻹ‌ﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ.
3- ﺍﻷ‌ﺳﺒﺎﺏ ﺍﻻ‌ﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ :-
ﺗﺸﻜﻞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻣﻦ ﺛﻼ‌ﺙ ﻫﻴﺌﺎﺕ ﻣﺘﻔﺎﻭﺗﺔ، ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﺗﻀﻢ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻷ‌ﺷﺮﺍﻑ ﺍﻟﻤﺘﻤﻴﺰﺓ ﺑﺎﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻟﻔﻴﻮﺩﺍﻟﻴﺔ، ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻄﺔ ﺗﻀﻢ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻣﻴﻦ ﻭﺿﺒﺎﻁ ﺍﻟﺠﻴﺶ ، ﺍﻣﺎ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻞ 96 % ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﻓﺘﺸﻜﻠﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻼ‌ﺣﻴﻦ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﻭﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﻮﺭﺟﻮﺍﺯﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻏﻨﻴﺔ ﻭﻃﻤﻮﺣﺔ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﺤﺮﻭﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ.
ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ :
ﺩﺍﻣﺖ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮﺍﺕ، ﻭﻣﺮﺕ ﻋﺒﺮ ﺛﻼ‌ﺙ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ:
• ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻷ‌ﻭﻟﻰ : 1789-1792 ، ﻓﺘﺮﺓ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ: ﺗﻤﻴﺰﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺑﻘﻴﺎﻡ ﻣﻤﺜﻠﻲ ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺑﺘﺄﺳﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ، ﻭﺍﺣﺘﻼ‌ﻝ ﺳﺠﻦ ﺍﻻ‌ﺑﺎﺳﺘﻴﻞ، ﻭﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﻻ‌ﻣﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻔﻴﻮﺩﺍﻟﻴﺔ، ﻭﺇﺻﺪﺍﺭ ﺑﻴﺎﻥ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹ‌ﻧﺴﺎﻥ ﻭﻭﺿﻊ ﺃﻭﻝ ﺩﺳﺘﻮﺭ ﻟﻠﺒﻼ‌ﺩ.
• ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : 1792-1794 ، ﻓﺘﺮﺓ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻱ ﻭﺗﺼﺎﻋﺪ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﺣﻴﺚ ﺗﻢ ﺇﻋﺪﺍﻡ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻭﺇﻗﺎﻣﺔ ﻧﻈﺎﻡ ﺟﻤﻬﻮﺭﻱ ﻣﺘﺸﺪﺩ.
• ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ : 1794-1799 ، ﻓﺘﺮﺕ ﺗﺮﺍﺟﻊ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﻭﻋﻮﺩﺓ ﺍﻟﺒﻮﺭﺟﻮﺍﺯﻳﺔ ﺍﻟﻤﻌﺘﺪﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﻴﻄﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻭﻭﺿﻌﺖ ﺩﺳﺘﻮﺭﺍ ﺟﺪﻳﺪﺍ، ﻭﺗﺤﺎﻟﻔﺖ ﻣﻊ ﺍﻟﺠﻴﺶ، ﻛﻤﺎ ﺷﺠﻌﺖ ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﻧﺎﺑﻠﻴﻮﻥ ﺑﻮﻧﺎﺑﺎﺭﺕ ﻟﻠﻘﻴﺎﻡ ﺑﺎﻧﻘﻼ‌ﺏ ﻋﺴﻜﺮﻱ ﻭ ﻭﺿﻊ ﺣﺪﺍ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﻭﺃﻗﺎﻡ ﻧﻈﺎﻣﺎ ﺩﻳﻜﺘﺎﺗﻮﺭﻳﺎ ﺗﻮﺳﻌﻴﺎ.
ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ :
ﺗﻌﺪﺩﺕ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ :
1- ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ :
ﻋﻮﺽ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻱ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ، ﻭﺃﻗﺮ ﻓﺼﻞ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﻭﻓﺼﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻭﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ.
2- ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻻ‌ﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ :
ﺗﻢ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ،ﻭﻓﺘﺢ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺮﺃﺳﻤﺎﻟﻲ ﻭﺗﺤﺮﻳﺮ ﺍﻻ‌ﻗﺘﺼﺎﺩ ﻣﻦ ﺭﻗﺎﺑﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺣﺬﻑ ﺍﻟﺤﻮﺍﺟﺰ ﺍﻟﺠﻤﺮﻛﻴﺔ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ، ﻭﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺍﻟﻤﻜﺎﻳﻴﻞ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﻟﻤﻮﺣﺪﺓ.
3- ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻻ‌ﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ :
ﺗﻢ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻟﻔﻴﻮﺩﺍﻟﻴﺔ ﻭﺍﻣﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻨﺒﻼ‌ﺀ ﻭﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﻣﺼﺎﺩﺭﺓ ﺃﻣﻼ‌ﻙ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ، ﻛﻤﺎ ﺃﻗﺮﺕ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻣﺒﺪﺃ ﻣﺠﺎﻧﻴﺔ ﻭﺇﺟﺒﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻻ‌ﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺗﻮﺣﻴﺪ ﻭﺗﻌﻤﻴﻢ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ.
ﻭﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺃﻳﻀﺎ :-
1- ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻻ‌ﻧﻄﻼ‌ﻕ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻭﺭﻭﺑﺎ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺿﺪ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﺍﻻ‌ﺳﺘﺒﺪﺍﺩﻱ .
2- ﺍﻳﻘﺎﻅ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻷ‌ﻟﻤﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻹ‌ﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﻭﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ .
3- ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺩﺳﺎﺗﻴﺮ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻨﺒﻌﺎ ﺗﺎﺧﺬ ﻋﻨﻪ ﺷﻌﻮﺏ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﻪ .
4- ﺗﺤﺴﻦ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻻ‌ﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻻ‌ﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .
5- ﻧﺸﺮ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻹ‌ﺧﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ .
6- ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺆﺭﺧﻴﻦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻟﻠﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ .
ﺍﻟـــــــﺨــــــــﺎﺗــــــــﻤــﺔ :
ﻭﺃﺧﻴﺮﺍً ﻓﻘﺪ ﺗﻤﻜﻨﺖ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﺣﺪﺍﺙ ﺗﺤﻮﻻ‌ً ﻛﺒﻴﺮﺍً ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ، ﻭﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻭﺭﻭﺑﺎ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺎﺟﻤﻌﻪ ، ﻛﻤﺎ ﺍﺛﺮﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻻ‌ﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺟﻴﺪﺓ ﻻ‌ﻧﻄﻼ‌ﻕ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺿﺪ ﺍﻻ‌ﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻭﺍﻟﺪﻳﻜﺘﺎﺗﻮﺭﻳﺔ ﻭﻓﺴﺎﺩ ﺍﻟﺤﻜﻢ .
التاريخ
الثورة الفرنسية