الجمعة، 8 يناير 2021

الجغرافيا الطبيعية المحاضرة الرابعة

 المحور الثالث الــتـــربـــة

تعريف التربة

التربة هي ذلك الجزء العلوي من الصخور المتفتتة الذي تبدلت صفاتها الطبيعية نتيجة تعرضها للجو والذي يحتوي على كمية من المواد المعدنية والعضوية -( أي أن الذرات المفتتة تشابه من حيث التركيب الصفات العامة للصخور الأصلية مع وجود المواد العضوية ما بين هذه الذرات ) - والتي تعيش بها كائنات حية وتنمو فوقها المزروعات والنباتات فهي وسط حي في تطور مستمر.

 مكونات التربة

تحتوي التربة على مكونات معدنية ومواد عضوية فالاولى نميز فيها بين مواد معدنية خشنة تشكلت نتيجة لتفكك غير كامل للصخر الأصلي بفعل عوامل التعرية مثل الحصى والرمل الخشن. و مواد معدنية دقيقة تشكلت نتيجة لتفكك تام لصخرة الأم كالرمل الدقيق والطمي. أما بخصوص المكونات أو ألمواد العضوية فهي تشكلت نتيجة عن تحول بقايا الحيوانات والنباتات الى دبال ويرجع هذا التحول الى عمل الكائنات الحية التي تعيش في التربة كالفطريات والحشرات والبكتيريا وديدان الأرض كما تحتوي التربة أيضا على الماء والهواء فهي اذن ليست وسطا عديم الحياة بل ترتبط خصوبتها بكثافة الكائنات الحية التي تعيش فيها.

 عموما تنتظم المواد المكونة للتربة في معظم أنواع الأتربة في 3 مستويات أو افاق رئيسية.

التاريخ والحضارة الجغرافيا الطبيعية
التربة

الأفق العلوي A

هو نطاق التربة المتفتتة وغالبا ما يكون بلون قاتم لأنه غني بالمواد العضوية المتحللة ( الدبال ) لكنه يتعرض للغسل في الجزء الأسفل.

الأفق الأوسط B

هو نطاق التراكم ففيه تتجمد المواد العضوية التي تنتقل اليه من الافق الاعلى بواسطة المياه المتسربة داخل التربة ويتيمز بكونه أكثر تماسكا.

الافق الأسفل C+D

يتكون عادة من قطع من الحجارة الخشنة المتفككة عن الصخرة الأم التي توجد مباشرة تحته. يمثل هذا الأفق نطاق تفكك الصخرة الأم.

يتم تقسيم التربة من حيث مصدرها وظروف تكونها الى تربة محلية ومنقولة.

فالتربة المحلية مشتقة من قاعدة الصخور التي ترتكز عليها.

أما التربة المنقولة هي التربة التي تترسب في مجال اخر باحدى عوامل الارساب كالمياه الجارية والرياح والجليد والمثال على ذلك التربة الفيضية المنقولة بواسطة الأنهار.

 الخصائص والعوامل المؤثرة في التربة وسبل الحفاظ عليها.

خصائص التربة 

تعتبر خصائص التربة أكثر الأمور التي تستلفت اهتمام الجغرافي لأنها تميز نوعا من التربة عن نوع اخر وهناك خصائص يمكن ملاحظتها في الحقل وخصائص لا بد من فحص التربة في المختبر حتى يتعرف عليها الباحث. عموما تتميز التربة بعدة خصائص نذكر منها

لون التربة يتخلف لون التربة من منطقة الى أخرى وذلك مرتبط بالتركيب الكيميائي للتربة فتكون ذات لون أحمر مع وجود نسبة الحديد فيها ( أكسيد الحديد ) وذات لون مبيض عند وفرتها على الاملاح كلما زاد سواد التربة (أي مرورا من البني الى الاسود) دل ذلك على كثرة المواد العضوية بها ومن تم خصوبتها وصلاحيتها للزراعة.

التركيب الحبيبي للتربة يقصد به تصنيف حبيبات التربة حسب قكرها من الاصغر الى الاكبر.

تربة طينية أقل من 0.005 ملم 

تربة غرينية/ الطمي ما بين 0.005 و 0.05 ملم.

تربة رملية / الرمل الدقيق - الرمل الخشن ما بين 0.05 الى 1 ملم.

ويؤثر التركيب الحبيبي للتربة على كتلة هذه الاخيرة على الاحتفاظ بالماء. ( كلما كان حجم معظم الحبيبات متوسطا )

بنية التربة يقصد بها الكيفية التي تتراكم بها حبيبات التربة. فقد تجتمع بشكل غير منتظم فتكون بنية التربة مفككة لا تحتفظ بالماء. وقد تكون جد متماسكة غير نافذة للماء والهواء ينتج عن ذلك اختناق المغروسات والنباتات أما التربة الجيدة فهي التي تجتمع فيها الحبيبات مع بعضها البعض وتفصل بينها فجوات أو مسام تسمح بمرور فائض الماء وبتهوية الجذور والكائنات الحية الموجودة في التربة.

يقصد بمسامية التربة عدد الفراغات الموجودة بين حبيباتها فكلما كان عدد المسام مناسبا كانت استفادة التربة من الماء وتهويتها جيدة.

بالاضافة الى الخصائص السالفة الذكر فهناك خصائص أخرى للتربة لا تقل أهميتها بالمقارنة مع سابقتها نلخصها فيما يلي

سمك التربة تنشأ التربة ببطء شديد حيث يتطلب تكوين سمك 3 سنتيمترات منها ما بين 3 و 10 قرون ويرتبط السمك بعدة عوامل منها

 - طبيعة الصخرة الام - درجة انحدار الارض

 - المناخ والغطاء النباتي الذي يكسو( يعلو ) التربة

 - طول المدة الزمنية التي نشأت فيها التربة.

نذكر كذلك من بين خصائص التربة

 درجة حموضة التربة بحيث تكون التربة صالحة للزراعة اذا كان PH هذه التربة ما بين 5 و 9 اذ لا ينبغي أن تكون شديدة الحموضة ولا شديدة القاعدية

      (  14-- قاعدي -- 7 -- حامضي -- 0 )

وفي الاخير

 خصوبة التربة وهنا يتطلب الامر توفر مميزات عديدة كالمسامية المناسبة وفرة الدبال نسبة كافية من العناصر المعدنية المخصبة كالاملاح والفوسفاط والحديد ثم توفر درجة حموضة مناسبة كما سبق الاشارة الى ذلك PH ما بين 5 و 9 ( لا شديدة القاعدية ولا شديدة الحموضية )

العوامل المؤثرة في تكوين التربة 

تنشأ التربة ببطء كبير حيث يتطلب تكوين ثلاث سنتيمترات منها كما سبقت الاشارة ما بين 3 و10 قرون ويرتبط نشوء التربة وتطورها بتأثير عدة عوامل

فبخصوص تطورها 

  * تمر التربة في تكوينها من الصخور الصلبة الى تربة حقيقية بمرحلتين مختلفتين عن بعضهما وهما مرحلة تحطيم وتهشيم وتحلل الصخور ومرحلة تكوين التربة 

 * تسود في المرحلة الاولى العمليات الطبيعية خلال مرحلة تكوين المادة الاولية أي أن عملية تحطيم الصخور الى مركباتها المعدنية وفصلها عن بعضها يتم بواسطة عدة عمليات طبيعية كتمدد الصخر وتقلصها بسبب المدى الحراري وتجمد الماء في شقوق الصخر وذوبانه وتوغل جذور النباتات وغيرها من عمليات التجوية التي ينتج عنها تكوين كتل كبيرة من الصخور ذات أحجام مختلفة والتي تصبح فيما بعد المادة الأولية للتربة تستطيع النباتات من أن تمد جذورها فيها وتستمد منها غذائها ومقومات حياتها.

 *وبعد ذلك تأتي المرحلة التانية من مراحل تكوين التربة وهي المرحلة البيوكيميائية والتي تبدأ عندما يبدأ النبات بالنمو في المواد الاولية ويقوم باضافة مخلفاته من الجذور والاوراق والاغصان والثمار والبذور التي تكون المصدر الأساسي لغذاء الكائنات الحية الدقيقة والتي بدورها تقوم بتحويل هذه البقايا النباتية الى مواد عضوية والتي تعتبر ثاني أهم مكونات التربة.

كما هو معروف أن التربة لا تبقى بعد تكوينها ثابتة وانما هي في حالة تغير مستمر بسبب عوامل كثيرة تؤثر عليها بصورة منفردة او مجتمعة خلال فترة تطورها.

 💧 ويؤدي تأثير هذه العوامل إلي اختلاف التربات في العالم عن بعضها البعض بخصائصها ومميزاتها ، وأحيانا تختلف الأتربة في العالم بسبب تأثير عامل واحد أو عاملين أو أكثر والتي تجعل التربة تكتسب خصائص ومميزات تختلف عن غيرها من الأتربة الأخرى في العالم. 

أهم العوامل التي تلعب دورا أساسيا في تكوين التربة هي:

> ثأثير الصخرة الأم : التي تحدد التركيب المعدني للتربة مثلا نجد الصخور السيليسية تعطينا تربة حمضية ( صخور الكرانيت والبازلت)، و الصخور الكلسية تعطينا التربة القاعدية

 المناخ : يؤثر مباشرة بواسطة الحجم الإجمالي لمياه الأمطار و توزيعها على مختلف فصول السنة، و يؤثر بصفة غير مباشرة بواسطة ظروف الحياة التي يوفرها ، فالمناخ إذن عامل أساسي بحيث يقابل كل مناخ نوع خاص من التربة، كما يلعب دورا أساسيا في تفكك الصخرة الأم و تحليل المواد العضوية و تتم هذه العملية بسرعة في المناطق الحارة والرطبة، وببطء شديد في الصحاري الباردة و الحارة ( إما لشدة البرودة أو شدة الجفاف).

» ثأثير الغطاء النباتي والكائنات الحية : يزود الغطاء النباتي التربة بالجزء الأكبر من المواد العضوية المكونة لها، كما أن نشوءها يتم كذلك بفضل الإفرازات و التأثيرات الميكانيكية لجذورها، أما الكائنات الحية فهي تحول المواد العضوية إلى دبال و تحول الدبال إلى مواد عضوية.

» تأثير التضاريس : يعتبر تأثیر عامل التضاريس في تكوين التربة سلبيا أي أنه لا يؤثر في التربة بشكل مادي ، بل أن تأثير التضاريس يكون غير مباشر ، وذلك من خلال التأثير المتبادل بينه وبين العوامل الأخرى الفعالة في تكوين التربة.

ويظهر أثر التضاريس بوضوح من خلال التفاعل مع عناصر المناخ والنبات والكائنات العضوية الأخرى التي تؤدي إلى تكوين أتربة مختلفة بسبب اختلاف التضاريس، ويمكن أن نحدد ذلك التأثير في الآتي:

-1 يؤثر اختلاف التضاريس إلى اختلاف عناصر المناخ ( درجات الحرارة والتوجيه أي مواجهة الأشعة الشمسية وهطول الأمطار).

- 2 كما يؤدي اختلاف الانحدار إلى اختلاف تصريف المياه أو الإمساك بها ، وأثر الانحدار على التعرية وانجراف التربة 

- 3 يؤثر ذلك على سمك التربة حيث يقل هذا السمك في المناطق المرتفعة وذات الانحدار الشديد بينما يزيد سمك التربة في المناطق ذات الانحدار القليل.

تأثیر عوامل التعرية

تعرف التعرية بأنها إزاحة التربة من أماكنها الأصلية إلى أماكن أخرى جديدة.

. يقوم بعملية التعرية عوامل متعددة تشمل الماء الجاري على السطح والرياح والجليد المتحرك والأمواج والتيارات المائية الساحلية والجاذبية الأرضية .

 ترتبط هذه العوامل بطبيعة السطح ( منحدر أو مستوي ) وبدور الإنسان الذي يعمل بإزالة الغطاء النباتي . 

بشكل عام فان التعرية بالماء الجاري أو الرياح تكون اقوي في أقاليم الأعشاب الصحراوية منها في أقاليم الحشائش وتكون ضعيفة في الأقاليم الرطبة والمناطق التي تنتشر فيها الغابات.

عامل الزمن : لقد سبقت الإشارة إليه سابقا، بحيث يتطلب تكوين التربة بخصائصها المتعددة وقتا طويلا و تختلف كذلك هذه المدة حيث الظروف المناخية و نوعية الغطاء النباتي و طبيعة الصخرة الأم و كذلك تبعا لأشكال تدخل الإنسان و تأثيره في طبيعته. 

ووفقا لعامل الزمن، تمر التربة خلال تكوينها ونموها بثلاث مراحل:

- مرحلة الشباب: إن المواد الأولية غير المتماسكة هي تربة في مرحلة الشباب. وتعتبر التربة الشابة تربة خصبة وتتواجد في السهول الفيضية النهر والدلتاوات.

- مرحلة النضج: في هذه المرحلة تتميز التربة بتطور واضح لطبقات مقطعها. وقد تبقى التربة في مرحلة النضج لفترة طويلة من الزمن. وتوجد في المناطق ذات الانحدار المعتدل 

- مرحلة الشيخوخة: تكون أقل ملائمة لنمو النباتات وتقل خصوبتها بسبب ضياع معظم المواد المعدنية منها وتتجمع فيها ذرات الطين ومركبات الحديد مما يجعل التربة صماء تمنع حركة الماء والهواء وتوغل جذور النباتات فيها

يمكن القول، إن التربة تتكون في الأحوال المثالية من حوالي

- 45 % من المادة المعدنية .

- 5 % من المادة العضوية . 

- 25 % من الهواء. 

- 25 % من الماء.

إن جسم التربة في تطور مستمر بسبب عمليات فيزيائية تقوم بتفتيت الصخر وعمليات كيميائية تقوم بتحليل الفتات وتغير خصائصها، بالإضافة إلى عمليات حيوية كيميائية تحلل البقايا العضوية وتحولها إلى مواد أخرى.

فقد وضع العلماء والمختصون الكثير من المفاهيم والمعادلات لتكون التربة ولكن أهمها المعادلة الأولى للعالم الروسي المسمى دوكتشييف في نهاية القرن التاسع عشر، حيث وضع المعادلة التالية:

S = F(C,V,O,P,R)T

التاريخ والحضارة
التربة

الحفاظ على التربة وتحسنها
- اذا كان نشوء التربة يتطلب عدة قرون فان اتلافها نتيجة تأثير عوامل التعرية عن طريق اقتلاع  الغطاء النباتي أو الحرائق لا يستغرق الا شهورا معدودة.
 - بالاضافة الى ذلك يؤدي سوء استعمال المبيدات النباتية والحيوانية والاسمدة الى اتلاف بعض المائنات الحية التي تعيش في التربة وبالتالي تدهور هذه الاخيرة.
 - يتضح اذن أن الغلاف النباتي يشمل خير وقاية للتربة بحيث تثبت جدور الاشجار التربة وتمكنها من الاحتفاظ على الماء، بينما تخفف الأوراق من شدة ارتطام قطرات الأمطار بالتربة 
- تنقص الشرفات و الدرجات و الحرث الأفقي من سرعة جريان الماء على السفوح ذات المنحدرات القوية، و بالتالي تخفف من حدة الحث و تسهیل ترشح الماء داخل التربة

خلاصة: 
إذا كانت الضرورة تقتضي المحافظة على التربة، فإنه ينبغي كذلك تحسينها باللجوء إلى :
• الحرث الجيد و المنتظم لتهوية التربة؛
والاعتدال في الري أي الاستخدام السليم لمياه السقي، بمعنى سقي المزروعات بالقدر المناسب لنوع المحصول وبالطريقة المناسبة لطبيعة التربة؛ 
• صرف مياه التربة لإقصاء فائض من الماء؛ 
• استعمال الأسمدة لتعويض المواد المعدنية التي تفتقر إليها التربة، أو التي استنفدتها النباتات؛ 
• المناوبة الزراعية لتجديد التربة.

تحميل المحاضرة على شكل بي دي اف
  

تحميل المحاضرة على شكل فيديو





مشاهذة المحاضرة الخامسة


0 التعليقات:

إرسال تعليق