الجمعة، 18 فبراير 2022

الاستيطان البشري بمنطقة الغرب عبر التاريخ

 الاستيطان البشري بمنطقة الغرب عبر التاريخ 

تسعف دراسات الديموغرافيا التاريخية من تتبع تاريخ تعمير منطقة الغرب عبر توافد القبائل والموجات البشرية التي استقرت بها. ففي الفترة القديمة تؤكد المصدر التاريخية والأركيولجية أن المنطقة كانت موطن قبيلتي البنيوريين و الزكرنسيين اللتين استقرتا بالقرب من مستوطنة بناصا ومعسكر تموسيدا. ونظرا لرغبة الرومان في استمالة قبيلة الزكرنسيين وجعلها موالية لهم، فقد منحوا زعيمها المواطنة الرومانية مع الاحتفاظ بكامل حقوقه داخل قبيلته.

توكد المصادر التاريخية العربية استقبال منطقة الغرب للقبائل العربية مع القرن 6 ه / 12 م. وتزايد ساكنة منطقة الغرب منذ أواخر القرن 12/6 م إلى أواخر القرن 13ه/19 م. و كانت قبيلة رياح، وهي أولى القبائل العربية التي استقرت بالمنطقة، وكان عدد أفرادها أكثر من عدد أية قبيلة عربية أخرى بما فيها قبيلة الخلط، التي كان يقدر عدد أفرادها، آنذاك، بحوالي 200.000 نسمة. وحافظت المنطقة على نفس عدد السكان تقريبا، طيلة القرن 7ه/13م إلى بداية القرن 14/8م، بالرغم من الحملة العسكرية التي قام بها السلطان المريني أبو ثابت سنة 707ه/1308م ضد قبيلة رياح . لم يدم هذا الانخفاض طويلا، لأن نفس الخليفة أعطى أوامره بالبدء في تهجير خلط تامسنا إلى منطقة الغرب قصد إعادة تعميره بعد إبادتة لقبيلة رباح.

وعرفت المنطقة، تراجعا في عدد السكان ابتداء من مطلع القرن 9ه/15م بسبب الحروب التي قام بها أبو سعيد عثمان المريني (1398/800 م - 1420/823 م) ضد منافسة في الحكم. وانطلاقا من منتصف القرن 9ه/15م إلى منتصف القرن 10ه/16م سيحدث تغيير جذري في عملية تعمير منطقة الغرب بإدخال عناصر أخرى بأعداد مهمة جدا من الخلط وسفيان وبني مالك على الخصوص، ثم كنانة والعمارنة وأولاد حسين. كما عرفت منطقة الغرب، في بداية القرن 12ه/18م، استقرار حوالي 70.000 من قوات عبيد البخاري في مشرع الرملة. وأصبحت المنطقة، انطلاقا من العهد السعدي، خزانا بشريا يمد الجهات القريبة منها بأعداد مهمة من السكان، كالخلط ومعهم سفيان وبنو مالك حيث اتسع مجال انتشارهم من ساحل المحيط الأطلسي إلى على مدينة فاس.

حرص المقيمون العامون الذين تعاقبوا على حكم المغرب وخاصة الماريشال ليوطي على تشجيع الهجرة الأوروبية إلى منطقة الغرب. وما أن تم إنهاء حالة التمرد في بلاد "السيبة" عام 1934، وإحكام السيطرة العسكرية على كل البلاد حتى انهال على المغرب سيل من المهاجرين الأوروبيين وخاصة الفرنسيين وقد قدر عدد المهاجرين الأوروبيين عام 1921 بنحو 75.000 مهاجر، ليرتفع هذا العدد عام 1936 إلى 187.096 مهاجرا، ويصل إلى 325.271 مهاجرا عام 1951-1952. وشكل المهاجرون الفرنسيون 35,2% من العدد الإجمالي للأوروبيين. ومع نهاية فترة الحماية الفرنسية على المغرب ظهر مكونات خريطة توزيع القبائل الغرباوية على النحو التالي: "يفصل نهر الدردار بين الخلط وطليق في الشمال، وسفيان وبني مالك في الجنوب. كما أن نفس النهر يفصل بين سفيان وبني مالك في الشمال، والشراردة وبني احسن في الجنوب. ويعتبر ضريح محمد گدار حدا فاصلا بين الشراردة شرقا وبني احسن غريا. ورغم أن هذه القبائل اتخذت لها أماكن استقرار ومجالات تنقل محددة جغرافيا، إلا أننا نلاحظ بعض التداخل فيما بينها ؛ بحيث نجد دواوير خلطية في بلاد سفيان وبني مالك، بحيث إن منطقة الغرب تتكون من وحدات، وكل وحدة تضم بعض العناصر التي تنتمي لهذه القبيلة أو تلك "

وتتوزع حاليا قبائل منطقة الغرب ما بين الأمزيغية والعربية والصحروية وهي على التالي : قبيلة الخلوط، قبيلة الشراردة، قبيلة أهل الربوة، قبيلة بني سرسار، قبيلة أيت سطة، قبيلة بني احسن، قبيلة بني مالك، قبيلة بني مزكلدة، قبيلة بني مستارة، قبيلة سفيان، قبيلة مصمودة، قبيلة الشكاكفة، قبيلة العمامرة، قبيلة المناصرة، قبيلة النغامشة، قبيلة بحارة، قبيلة طليق، قبيلة عوف، قبيلة غلياط

 الاستيطان البشري بمنطقة الغرب عبر التاريخ

إن تتبع ذکر وتناول منطقة الغرب في المصادر التاريخية يؤكد مدى الأهمية التي حضيت بها هذه المنطقة في تدوين المعرفة التاريخية بدء من الأسطورة إلى المصادر التاريخية القديمة ثم الوسيطية والحديثة وأخيرا الكولونيالية بكل مشاربها الدراسة.

مواضيع ذات صلة


هناك تعليقان (2):