المحاضرة الاولى الغرب الاسلامي التاريخ والحضارة
مدخل عام:
إن عملية التأريخ للغرب الإسلامي في مراحله الإسلامية الباكرة تعد قضية مصادر بالدرجة الأولى إذ تتفق أغلب الدراسات المعاصرة على ندرة المادة التاريخية وتأخر المصادر التي نمتلكها اليوم عن تاريخ وقوع الأحداث بقرون عديدة وهو ما يجعل رواياتها موضع شك في كثير من الأحيان. ويشير عبد الله العروي إلى ذلك الفقر المصدري بقوله: "لا نكاد نعرف وقائع الفتح العربي إلا من خلال نصوص عربية متأخرة، وفي بعض الأحيان متضاربة، لذلك ما زالت تحوم فوق تفاصيلها شكوك كثيرة". وتظل المرحلة التاريخية التي شهدت خروج بلاد المغرب عن دائرة النفوذ اللاتيني- المسيحي وارتباطها بالمشرق الإسلامي غير واضحة بالرغم من الجهود المضنية التي يبذلها الباحثون في هذا المجال. وقد اتفق بعض المؤرخين على تسمية هذه المرحلة بالقرون الغامضة Sidcles obscurs. ما يمكن أن نسجله حول هذه المرحلة هو كون الفتح الإسلامي لبلاد المغرب يختلف عن مثيله في جهات أخرى خصوصا ما يتعلق بطول أمد المقاومة المسلحة التي لاقاها الفاتحون المسلمون والمد والجزر في علاقات الزعماء المحليين والقبائل البربرية مع العرب، فقد أخضع المسلمون مصر والأندلس في ثلاث سنوات، وأخضعت فارس في أربع سنوات والشام في ست سنوات، وفي كل هذه المناطق كانت معركة أو معركتان كافيتان وفاصلتان لإتمام فتح هذه البلاد التي كانت مركزا لحضارات قديمة. أما في بلاد المغرب، فإن العكس هو الذي حدث حيث نجد ما يقرب من سبعين سنة تفصل بين المناوشات الأولى (فتح طرابلس وفتح برقة (22-23ه) وبين مشاركة البربر في فتح الأندلس (92ه).
انتظر من فضلك 20 ثانية
وبعد خمسة عشر سنة من هذا التاريخ، انفجرت ثورة جديدة باسم الدين الإسلامي هذه المرة، حيث طرد العرب من القيروان من طرف الخوارج، ولم تستقر المنطقة إلا بعد أن أصبحت عمليا خارج نطاق السيادة السياسية المشرقية المباشرة. أما الأندلس، فقد خضعت كذلك للفتح الإسلامي في ظرف وجيز (92-95ه)، وانخرطت في سياقة مبكرا لكنها خضعت كذلك التقلبات السياسة المشرقية وصراعاتها بين العناصر القبلية والمجموعات الراغبة في الحصول على الإقطاعات، وهو ما تمثل في حالة من الاضطراب السياسي بين الولاة وأتباعهم، ولم يتوقف الأمر إلا بقيام الإمارة الأموية قبل أن يعود ليظهر على شكل فتن وتمردات كلما وجد إلى ذلك سبيلا على امتداد عصري الإمارة والخلافة
0 التعليقات:
إرسال تعليق