الخميس، 9 أبريل 2020

صديقي عبد الواحد

صديقي عبد الواحد


كان أصدقاء صباي هم الذين وضعتهم المصادفة في طريقي بسبب الجوار في السكن، أو في المدرسة، وكانت الرابطة المتينة التي تجمع بيننا هي رابطة اللعب، فقد كان اللعب في تلك السنين الجميلة غاية الحياة التي نعيش لتحقيقها. وقد نسيت أسماء هؤلاء الاصدقاء، وان كانت صورهم لاتزال تسكن مخيلتي الا فتى واحدا أذكر أن اسمه عبد الواحد، فقد كان حقا من النماذج البشرية التي عرفتها وصادقتها وأحببتها في طفولتي.
لست أدري لماذا كان والدي يكرهه كرها عميقا، فقد دأب ينهاني عن اللعب معه، وتفنن في تشويه سيرته، اذ كان في نظره أكبر صعلوك أنجبه القرن العشرون !
ولكنني لم أتأثر بذلك، لأنني كنت أعلم ان والدي لايعرفه.
كان عبد الواحد يكبرني ببضع سنوات، وبالرغم من أنه كان جميل المحيا، براق العينين، دقيق الجسم، فقد كان يتمتع بقوة جثمانية تثير الدهشة !! كما كانت شخصيةته جذابة قوية خيرة، وهذه هي الصفات التي رفعته بين مجموعتنا الى مرتبة القائد الزعيم.
كان ثابت الاعصاب، صارما أثناء اللعب، ولذلك لم يكن يلاعب الا الفائزين منا. واذا أخرج خذروفه ذا السن البراق الحاد، الذي كنا نسميه الصاعقة، أحطنا به لنرى كيف يشق به خذاريفنا شقا، فتتطاير شقين في الهواء، وهو يغني ويرقص، كما لو كان يزهو فخرا بنفسه وبصاحبه، ولا نملك الا أن ننظر الى محياه نظرات الاعجاب والاكبار.
لم يكن عبد الواحد مثل معظم الفتيان الاشداء مشاغبا شريرا، بل كان جم التواضع، دائم الابتسام، لا يلجأ الى قواه العضلية الا دفاعا عن نفسه، أو عن اصدقائه.

0 التعليقات:

إرسال تعليق