الأربعاء، 15 يناير 2020

وحدة تاريخ الشرق الاقصى اليابان

وحدة تاريخ الشرق الاقصى اليابان
مدخل تمهيدي: اليابان: المجال المجتمع والدولة
المحور الأول: اليابان قبل القرن 19م: من سياسة العزلة الى ظهور بوادر التحديث
المحور الثاني: اليابان خلال القرن 19م: مرحلة الانفتاح وردود فعل اليابان تجاه الضغوطات الخارجية.
المحور الثالث: عصر الإمبراطور ميجي 1912/1868م: الإصلاح وتحقيق نهضة اليابان الحديثة.
المحور الرابع: اليابان ما بعد عصر ميجي (مرحلة الحربين العالميين الأولى والثانية)
مدخل تمهيدي:
1- مميزات المجال الجغرافي لليابان:
تقع اليابان في شرق أقصى آسيا وهي عبارة عن أرخبيل من الجزر، أبرزها الجزر الرئيسية الأربعة هونشو وهوكايدو وشيكوكو وكيوشو. وتتشكل معظم أراضي اليابان من جبال بركانية لتواجدها في موقع ذو تكوين جيولوجي حديث، فهي ذو طبيعة جبلية وبركانية معرضة للزلازل. أما الأراضي المنبسطة فهي قليلة وتتمثل في السهول الساحلية والأودية الضيقة التي تفصل الجبال عن بعضها البعض مما يعني قلة الأراضي الصالحة للزراعة.
وتنتمي اليابان الى ما يسمى بتيار "حضارة الشرق الاقصى" التي انطلقت من الصين وعمت البلدان المجاورة مثل كوريا وفيتنام واليابان وغيرها، مما يفسر التأثير الكبير لليابان بالحضارة الصينية على عكس الحضارات الأخرى، إذ ظلت اليابان في عزلة نسبية عن التيارات الأخرى لأسباب جغرافية بالأساس.
أدت عزلة اليابان عن البر الأسيوي الى قيام حضارة يابانية متفردة بخصوصيات حضارية تميزها عن غيرها، فكان ذلك سببا في تعزيز شعور اليابانيين بالإنتماء لعرق واحد، وفي اللحمة القومية التي عرف بها المجتمع الياباني.
يحظى المجال عند اليابانيين بنوع من التقديس ظنا منهم أن أرضهم توجد تحت رعاية وحماية الآلهة، مما جعل اليابانيون يستميتون في الدفاع عنها عبر التاريخ، كما أن الطبيعة الجغرافية لليابان انعكست بشكل كبير على طباع اليابانيين، حيث أسهمت هذه الطبيعة في اكتساب اليابانيين صفة الشجاعة التي اشتهروا بها منذ القدم.
كان لطبيعة اليابان الجبلية تأثير على التطور التاريخي الذي عرفته البلاد، حيث حالت دون خضوع البلاد للاستعمار طيلة تاريخها، واستمرت صامدة حتى خضعت للقوى الأجنبية خلال الحرب العالمية الثانية 1945م على الرغم مما يروج في بعض الروايات من وصول الكوريين الى اليابان في قرون ما قبل التاريخ وتمكنوا من اخضاعها.
2. اليابانيون:
- الأصول والتركيبة السكانية: يتكون اليابانيون من مجموعات عرقية مختلفة أبرزها من شبه الجزيرة الكورية والصين ومناطق أخرى من شرق آسيا، ما يعني أن اليابانيون لا ينتمون الى أصل واحد كما يعتقدون، بل أن هجرات بشرية وفدت الى الأرخبيل الياباني في فترات مبكرة، وبالضبط في مرحلة العصر الحجري القديم (الباليوليثيك) لما تركت مجموعات بشرية مختلفة القارة الاسيوية لتستقر في أرخبيل اليابان، وهذا التأثير القاري ما يزال واضحا في التركيبة السكانية للمجتمع الياباني وعلى بنية الانسان الياباني.
- يعتبر شعب "الآينو" العنصر الأصلي في الجزر اليابانية الذي ينحدر من الجنس القوقازي، ووصل الى اليابان في وقت مبكر واستوطن مجالات واسعة من أراضيها خاصة هوكايدو وجزء كبير من هونشو، غير أنهم ومع مرور الوقت تعرضوا للإقصاء والتمييز من طرف اليابانيين حتى تقلص عددهم. ولا يمثلون اليوم سوى أقلية لا تأثير لها داخل المجتمع الياباني. امتزج عنصر الآينو مع العنصر الياباني المنحدر من أحد فروع الجنس المغولي ومع سلالات الملايا، فانصهرت هذه العناصر الثلاثة فيما بينها الى درجة أن اليابانيين أصبحوا يعتبرون أنفسهم مجموعة عرقية واحدة، وهذا الاعتقاد هو الذي أسهم بشكل كبير في تطور الوعي الياباني لدى اليابانيين.
خلف هذا التجانس العرقي الذي تشكل لدى اليابانيين، وعلى مدى آلاف السنين شعورا بانتمائهم الى أصل واحد، ولا يزال هذا الشعور حاضرا في سلوكيات المجتمع الياباني وفي تعاملهم مع الآخرين، ويستغلونه كوسيلة للدفاع عن وحدة البلاد. وقد برز ذلك بشكل جلي مع النزعة الوطنية التي سادت نهاية القرن 19م، كما اتخذ اليابانيون شعار "العرق الواحد" أو "الاسرة الواحدة" في التصدي للقوى الأجنبية طيلة الحروب الاستعمارية التي خاضتها اليابان منذ مطلع القرن 20 حتى الحرب العالمية الثانية.
3. الديانة والمعتقدات
تتلخص الحياة الدينية في اليابان في خليط من الديانات والمعتقدات، منها ما مستورد في إطار سلسة من المؤثرات الدينية والاسيوية القارية، ومنها ما هو محلي مرتبط بمعتقدات شعبية محلية متعددة وغنية. ويمكن التمييز فيها بين ثلاثة ديانات أو مذاهب فلسفية عرفت انتشارا واسعا وإشعاعا كبيرين بين فئات المجتمع الياباني:
* ديانة الشنتو: وتعرف بطريق الآلهة وهي ديانة يابانية صرفة تقوم على عبادة بعض المظاهر الطبيعية كالشمس والجبال والأشجار، فهي تمثل دينا وثنيا لا يعير أي اهتمام للحياة الأخرى، وقد ارتبطت هذه الديانة بالإمبراطور في اليابان إذ يعتبر امتدادا للآلهة، وابنها وممثلا لها فوق الأرض. وقد تراجعت هذه الديانة خلال القرون الوسطى مع تراجع سلطة الامبراطور، ولم يتم رد الاعتبار لهذه الديانة الا خلال القرن 18 عندما استغلها بعض المثقفون اليابانيون لبعث الحس الوطني في صفوف اليابانيين، ومع قيام نظام الامبراطور ميجي سنة 1868 أصبحت ديانة الشينتو الديانة الرسمية للبلاد.
* الفلسفة الكونفوشيوسية: نسبة الى الفيلسوف كونفوشيوس الذي يعتبر المؤسس الأول لهذه الفلسفة، فهي ليست دينا بقدر ما هي فلسفة أخلاقية لكونها لا تدعو الى نوع من العبادات، بل تدعو الى التفكير السليم والسلوك المستقيم، والولاء للحكام وتقدير أهل العلم والمعرفة، والإخلاص للعائلة واحترام النظم الاجتماعية القائمة. وربطت فلسفة الكونفوشيوسية استقامة أحوال الناس بصلاح أخلاقهم، كما تأمر الكونفوشيوسة بقيام مجتمع طبقي وترى بأنه المجتمع المثالي، وهذه النظرة هي التي سيعتمدها النظام الفيودالي الياباني خلال ما يسمى بفترة "التوكوغاوا".
* الديانة البوذية: دخلت البوذية الى اليابان في القرن السادس الميلادي عن طريق الصينيين، وهي معقدة مقارنة بديانة الشنتو. تعتقد البوذية (خلافا للشنتو) بوجود حياة أخرى خاصة عبر تناسخ الأرواح، إلا أن هذه الديانة ظلت الى حدود القرنين 8 و9 محصورة بين الطبقات العليا للمجتمع، وقد عرفت أوجها في اليابان بين القرنين 9 و12م. ورغم اختلاف هذه الديانات، إلا أنها لم تكن تتعارض فيما بينها، بل أن الشنتو والبوذية عرفتا تعايشا وانسجاما خاصة بعد منتصف القرن 19م لدرجة أن المساس بإحداهما يعتبر سلوكا مرفوضا داخل المجتمع الياباني.
اليابان قبل القرن 19م: من سياسة العزلة الى ظهور بوادر التحديث
1- فشل اليابان في التطبيق الفعلي للنموذج الصيني
· شكلت مرحلة القرن 6 م الانطلاقة الفعلية لاتصال اليابان بالصين، إذ شرع اليابانيون منذ هذه الفترة في الانفتاح على الثقافة الصينية، مستفيدين من فترة الازدهار والتطور الذي مرت منه الصين آنذاك، خاصة خلال فترة حكم أسرة "تانغ" خلال القرنين 7 و8م.
· استفاد اليابانيون من الحضارة الصينية في جوانب عدة همت أساسا الجانب الروحي وفلسفة الحكم والقيم والنظرة الى الكون، وأضحت الثقافة الصينية حاضرة في القيم والعادات والتقاليد والسلوك اليومي لليابانيين وفي عباداتهم وتراثهم الفكري، وكذا في علاقاتهم الاجتماعية وعلاقاتهم بالحكام.
عمل اليابانيون على استنساخ النموذج الصيني من خلال
- تبني الديانة البوذية القادمة من الصين في القرن السادس ميلادي.
- اعتماد رموز الكتابة الصينية.
- التأثر بالفكر والحضارة الصينية على مستوى الأدب والكتابة والفن والنحت والعمارة والطب والخبرات العلمية والحربية، بالإضافة الى اعتماد اليابانيين للتقويم الصيني.
ويعد مجال الحكم أهم تأثير حضاري نقله اليابانيون عن الصين، فتم العمل به وتقليده حيث أقام اليابانيون نظام حكم مركزي مماثل للنموذج الصيني يتمتع فيه الإمبراطور بسلطة مطلقة مستمدة من تفويض إلهي لا ينازعه فيها أحد، بالإضافة الى استنساخ مجموعة من القوانين التنظيمية والإدارية منذ مطلع القرن السابع ميلادي التي كان حكام الصين يعتمدونها في تدمير أمور البلاد.
وعلى الرغم من استيراد اليابان للنموذج الصيني، إلا أن اليابانيون لم يكونوا مجرد مقلدين أو مستهلكين، بل أعادوا انتاج ما أخذوه عن الصين ومنحوه طابعا قوميا وصيغة محلية تميزه عن الأصل، فلم يعد اليابانيون يسعون لتقليد النظام الصيني بقدر ما عملوا على تكييفه مع ما يناسب خصوصيات الدولة والمجتمع الياباني.
لكن ومنذ القرن العاشر، بدأ الضعف يظهر على الحكم المركزي الياباني نتيجة فشل التطبيق الفعلي للنموذج الصيني، ويرجع ذلك الى مجموعة من الأسباب أهمها: الصعوبات التي واجهت اليابانيين في تطبيق أساليب الحكم الصيني في تدبيرهم للأقاليم أو المقاطعات بسبب ضعف المواصلات بين هذه الأقاليم، زيادة على تعارض الخصائص المحلية للأقاليم اليابانية مع مقومات النموذج الصيني، دون اغفال تأثير تحول العاصمة من نارا الى هييآن (أو كيوتو) سنة 794م على تراجع النفوذ الصيني في المجال السياسي والثقافي، فكان ذلك إيذانا ببروز مرحلة جديدة في تاريخ اليابان نهاية القرن 12م حينما جُرد الامبراطور من السلطة الفعلية السياسية والعسكرية، وانتقلت الى الاسر العسكرية (الساموراي)، وبالتالي القطع مع النموذج الصيني وبروز النظام الفيودالي.
2- مرحلة النظام الفيودالي الياباني:
تعرف المرحلة الممتدة من نهاية القرن 12م حتى القرن 19م في اليابان بمرحلة "الفيودالية اليابانية"، كما وصف النظام السياسي والاجتماعي السائد طيلة هذه الفترة بالنظام الفيودالي، وهو شبيه الى حد ما بالنظام الفيودالي الذي ساد أوروبا خلال القرون الوسطى. ويعتبر اليابان البلد الوحيد من خارج أوروبا الذي مر بتجربة فيودالية. وتعد هذه التجربة فريدة وأساسية في فهم مختلف التطورات التي حدثت باليابان خلال المراحل اللاحقة. كما أنها تعتبر في رأي العديد من الباحثين عاملا من عوامل تحقيق نهضة اليابان الحديثة. وحكمت اليابان في ظل النظام الفيودالي عائلات وهي:
الميناموتو 1192م-1333م
أشيكاغا 1333م-1600م
توكوغاوا 1600م-1868م
من مميزات هذه الفترة هو تجريد الامبراطور من سلطته الدنيوية وظهور "الشوغون" كحاكم فعلي للبلاد.
* ظهور المؤسسة الشوغونية:
الشوغون لقب يحمله القائم على الجهاز العسكري والإداري في اليابان، وتطلق كلمة شوغون في اللغة اليابانية على "القائد العسكري" ومهمته ردع التمردات وإخضاع المناطق الخارجة عن طاعة السلطة المركزية ويتم تعيين الشغون من طرف الامبراطور بعدما يتم اختيار أحد أفراد العائلات الارستقراطية المؤهل لهذا المنصب. ارتبط ظهور "مؤسسة الشوغون" باحداث هذا المنصب نهاية القرن 12م خاصة بعد وصول الساموراي الى الحكم، ويعتبر القائد العسكري يوريتومو من أسرة الميناموتو أول قائد عين في منصب الشوغون نهاية القرن 12 (1192م)، فأصبح منذ ذك الوقت منصبا وراثيا تتوارثه أسر الساموراي الى نهاية القرن 19م، وكان الشوغون يعين حكومته الخاصة التي تسمى بـ «الباكوفو» وتعني "حكومة الخيمة" لأن الشوغون يدير حكومته انطلاقا من خيمته.
* خصائص ومميزات النظام الفيودالي:
كان النظام السائد في اليابان خلال المرحلة الفيودالية مشابها الى حد ما مع النظام الذي قام في أوروبا خلال العصور الوسطى، إذ لم تختلق المؤسسات السياسية والتنظيمات الإدارية والبنى الاجتماعية والاقتصادية في اليابان عن تلك التي عرفتها أوروبا خلال المرحلة الفيودالية، وقد إنبنى النظام الفيودالي الياباني على:
- مبادئ النظام المركزي الامبراطوري، خاصة المستنسخة من النظام الإمبراطوري الصيني.
- التنظيم الاجتماعي السائد في اليابان منذ القدم، لاسيما ما يرتبط منه بالتنظيم الشبه قبلي والتقاليد البدائية للمجتمع الياباني.
- نظام الولاءات الشخصية.
هذه العناصر مجتمعة هي التي مهدت الأرضية اللازمة لنشوء النظام الفيودالي في اليابان.
لقد ظهر النظام الفيودالي في اليابان مع فقدان الإمبراطور لسلطته المطلقة وتراجع السلطة المركزية وبروز سلطة الشوغون في القرن 12م، ومن خصائصه:
على المستوى السياسي:
- إسناد إدارة الأقاليم والمقاطعات الى "الشوغو" وفي مراحل لاحقة الى "الدايميو".
- الإحتفاظ بمؤسسة الإمبراطور ومواصلة الإعتراف الإسمي للإمبراطور والأمراء بملكية الأراضي.
- بطء تطور مؤسسات النظام الفيودالي باليابان عكس أوروبا، وذلك نتيجة للعزلة التي عاشتها اليابان، وعدم تعرضها لضغوطات خارجية إلا في الفترات اللاحقة من الأخذ بهذا النظام.
على المستوى العسكري:
- امتاز النظام الفيودالي الياباني بوجود طبقة السامورايّ، وهي فئة من المحاربين تجيد استعمال السلاح، وتمتلك مهارات قتالية ولها دراية بفنون الحرب، وكانت هذه الطبقة تؤدي دور طبقات الفرسان بأوروبا الفيودالية.
- احتفاظ فئة الساموراي خلال المرحلة الفيودالية في اليابان بمجموعة من الامتيازات مقارنة مع باقي الفئات الأخرى نظرا لاحتكارها استعمال القوة.
على المستوى الاقتصادي:
- قيام وحدات اقتصادية عائلية محكومة بمبادئ الديانات الروحية (البوذية والكونفوشيوسة والشنتو).
- اعتماد الزراعة كمصدر للثروة والإنتاج مع مساهمة متواضعة للنشاط التجاري.
- استقلالية بعض القطاعات وتمتعها بتسيير ذاتي دون خضوعها للحكم المركزي.
- ظهور ما يسمى بضيعات "الشوين Shoen"، وهي اقطاعات غير خاضعة للحكم المركزي. تتمتع بتسيير ذاتي ومعفاة من الضرائب، وهي ملكيات خاصة بالعائلات الارستقراطية والعسكرية والمعابد.
2- توحيد اليابان: مرحلة التوحد القومي (1568-1600م)
أفضت أزمات وفوضى الحروب الاهلية التي عاشتها اليابان لسنوات عديدة، الى بروز تحول هام في تاريخ اليابان قاد البلاد الى مرحلة السلم والاستقرار السياسي، حيث سعى زعماء داخل الاسر المتصارعة والمتنافسة على السلطة منذ النصف الثاني من القرن 16م الى ملء الفراغ السياسي على المستوى المركزي، ووضع حد للفوضى التي عاشتها البلاد. ويعود الفضل قي توحيد البلاد وإنهاء الحرب الاهلية في اليابان بالأساس الى ثلاثة زعماء وهم:
* أودا نوبوناغا Oda Nobunaga
أول من اهتم بتوحيد اليابان مستفيدا من خبرته في السياسة والزعامة، لاسيما وأنه تقلد منصب الدايمو وينتمي الى أسرة "أودا" ذات الخبرة في المجال السياسي. قاد محاولات الوحدة سنة 1568م واستولى على كيوتو، واستمر في اخضاع باقي الأقاليم والمقاطعات اليابانية حتى وصلت سلطته الى اليابان الوسطى، وتمكن قبل وفاته سنة 1582م من السيطرة على المناطق الحيوية الواقعة في جزيرة هونشو خاصة المناطق الساحلية منها، وتوجه الى ضم الأقاليم الجنوبية والغربية للبلاد، وكان قريبا من تحقيق ذلك لولا اغتياله مما حال دون اكماله لمشروع الوحدة اليابانية.
* تويوتومي هيديوشي (هيدي-يوشي)
عسكري من الفئات الدنيا للساموراي، ينتمي الى عائلة فقيرة. استطاع بفضل حنكته من إتمام مشروع توحيد البلاد بعدما خلفه نوبوناغا. سيطر على اليابان الغربية سنة 1587م، وبعدها بثلاث سنوات تمكن من ضم المناطق الشمالية والشرقية، فضلا عن وضعه تشريعات لتعزيز وحدة السلطة المركزية، إذ ساهم بذلك في إبقاء سلطة الدايميو تحت السلطة المركزية. وقام بإحصاء شامل للسكان والموارد الاقتصادية، إضافة الى مصادرته للأسلحة التي يملكها الفلاحون لتفادي تمردهم على السلطة المركزية، ولم يكتفي هيديوشي بإخضاع الأقاليم الداخلية للبلاد، بل حاول السيطرة على كوريا والصين، غير انه فشل في ذلك قبل وفاته سنة 1598م.
* إياسو توكوغاوا:
تولى القيادة بعد وفاة هيديوشي. وجد أمامه ظروفا مواتية لمواصلة المرحلة النهاية من توحيد اليابان مستغلا جهود سابقيه نوبوناغا وهيديوشي، واستطاع القضاء على كل معارضيه في المعركة الشهيرة "سيكيجاهارا" سنة 1600م. وفي سنة 1603م عينه الامبراطور في منصب الشوغون، فحمل أسرة توكوغاوا الى الحكم محل أسرة أشيكاغا.
3- عصر توكوغاوا: المشروع السياسي والإداري
- يقصد بعصر توكوغاوا المرحلة ما بين 1600-1868م وتسمى أيضا بعصرإيدو أو العصر الفيودالي المتأخر/ الفيودالية المتأخرة.
- تميزت مرحلة حكم توكوغاوا بـ:
· قيام نظم حكم وراثي يتولى فيه الشوغون السلطة الفعلية
· يعتبر إياسو توكوغاوا هو أول شوغون تولى الحكم في هذا العصر وتلاه ما يقارب 15 شوغونا كلهم من أبناء وحفدة إياسو.
· تولى السلطة السياسية ما اصطلح عليه بالباكوهان أي سلطة الشوغون وسلطة الدايمو:
* الجهاز الإداري:
· المؤسسة الشوغونية: تقودها حكومة الباكوفو انطلاقا من العاصمة إيدو وهي نظام حكم شبه مركزي يحتكر فيه الشوغون معظم السلطات التي انتزعها من الامبراطور، يتولى الشوغون بنفسه المراقبة المستمرة للمناطق الحيوية الوسطى في البلاد خاصة الممتدة ما بين كيوطو وإيدو، في حين يراقب بقية أجزاء البلاد بطريقة غير مباشرة عن طريق الدايميوات أو السادة الفيودايون.

· سلطة الدايميو: بالإضافة الى الأراضي التي تتم مراقبتها بطريقة مباشرة من طرف الشوغون، يقوم هذا الأخير بمراقبة غير مباشرة لما يقارب 260 إقطاعية ويطلق عليها "الهان"، حيث يعين على رأس كل واحدة منها دايميو يقوم بتسييرها نيابة عنه، ولكل دايميو حكومة عسكرية وجهاز إداري وحاشية تحيط به.
* تحقيق نظام حكم مركزي:

وضع شوغونات توكوغاوا قوانين تنظيمية صارمة تروم الى ضمان ولاء الدايميوات لسلطة الشوغون وتحقيق نظام حكم مركزي يفرض سلطته على كل الأقاليم، والحد من حالات الانقسام والفوضى التي تعيشها بعض المقاطعات بين الفينة والأخرى، ومن أبرزها:
قانون العائلات العسكرية:
الذي يحدد جميع مظاهر الحياة للدايميوات، إذ لم يكن يسمح لهم بإقامة تحالفات بينهم، ولا يحق للدايميو أن يعقد قرانه إلا بموافقة الشوغون، زيادة على منعهم من صك النقود وبناء السفن والمنشآت والتحصينات العسكرية إلا بإذن من الشوغون، كما ان بناء القصور لا يتم الا بعد اطلاع الشوغون على تصميمه وموافقته عليه...
نظام سانكين - كوتاي:
بموجبه كان الدايميوات ملزمين بالانتقال سنويا الى العاصمة إيدو والإقامة بها لشهور، وبعد انتهاء مدة اقامتهم وعودتهم الى مقاطعاتهم يتركون أفراد عائلاتهم كرهائن لضمان ولائهم لسلطة الشوغون.
نظام التجسس:
غايته تشديد الرقابة على حكام المقاطعات، حيث تخضع تحركات الدايميوات لمراقبة الشوغون وموظفيه، بإحداث جهاز استخبارات يضم مفتشين وجواسيس مهمتهم تعقب الدايميوات ومراقبة تحركاتهم واتصالاتهم سواء فيما بينهم، أو فيما بينهم وبين الامبراطور لحماية حكم الشوغون من أي انقلاب أو تمرد مرتقب.
العمل بمبادئ الكونفوشيوسية:
استعان اليابانيون خلال مرحلة توكوغاوا بتعاليم الفلسفة الكونفوشيوسية بغرض تنظيم العاقة بين الشوغونات والدايميوات، خاصة مبدأ ولاء المحكومين للحكام ومبدأ احترام النظام.
4- سياسة العزلة والانغلاق:
* مرحلة ما قبل العزلة: تسمى هذه الفترة في تاريخ اليابان بـ «مرحلة الانفتاح»، وتمتد حسب تقدير المؤرخين من بداية القرن 16م الى غاية العقد الرابع من القرن 17م (1639-1936)، بدأ اليابانيون بأول اتصال لهم مع الأوروبيين خاصة البرتغاليين منتصف القرن 16، فكان من نتائج هذا الاتصال:
- بداية النشاط التبشيري واعتناق بعض الدايميوات للمسيحية وتشجيع سكان المقاطعات عليها.
- دخول الأسلحة وآلة الطباعة الى اليابان.
- بروز علاقات ودية مع الأوروبيين استمرت حتى تبني سياسة العزلة.
* مرحلة العزلة:
- تمتد زمنيا من سنة 1639 الى منتصف القرن 19 (1853م) مع وصول الكومندور ماثيو بيري الى سواحل اليابان للضغط على سلطات البلاد قصد التخلي عن سياسة العزلة، أي انها تشمل تقريبا مرحلة حكم أسرة توكوغاوا.
- اصطلح على هذه المرحلة كذلك بـ"سياسة العزلة الوطنية"، وهي بمثابة ردة فعل من طرف الحكام اليابانيين تجاه التدخل الاجنبي وانتشار الديانة المسيحية.
وصلت السياسة المعادية للمبشرين التي نهجتها أسرة "توكوغاوا" ذروتها خلال العقد الرابع من القرن 17م بعدما أصدر حكام اليابان مجموعة من المراسيم تهدف الى طرد كل المبشرين المسيحيين، ومنعت اليابانيين من كل اتصال بالعالم الخارجي كإجراء للحد من أخطار التوسع الأوروبي الذي كان عادة ما يتبع النشاط التبشيري، وكان الإستثناء الوحيد هو ميناء ناكازاكي الذي كان يحتضن بعض التجار الهولنديين والصينيين حيث ظل هذا الميناء هو الوحيد الذي يشكل نقطة اتصال مع العالم الخارجي لأزيد من قرنين.
5- انعكاسات سياسة العزلة على الأوضاع باليابان
* على المستوى الإقتصادي:
- تطوير المجال الزراعي: عمل اليابانيون في هذه المرحلة على استصلاح الأراضي الزراعية وتوسيعها، ويعزى هذا التطور الى:
تطوير تقنيات الري عن طريق استعمال الصخور لبناء السدود والحواجز لتجميع المياه او تحويلها الى الأراضي الزراعية:
تجفيف المستنقعات من مياه الفيضانات
إقرار نظام ضريبي على المزارعين يتناسب فيه قيمة الضرائب مع حجم الإنتاج.
مضاعفة انتاج الأرز، والإهتمام بزراعة منتجات أخرى كالقطن والخضر والشاي وغيرها...
- الأرتقاء بالمجال التجاري: أدى إغلاق اليابان لأبوابها في وجه التجارة العالمية إلى انتعاش الحركة التجارية الداخلية وتجلى ذلك في:
نمو عدد السكان وازدياد الطلب على المواد الاستهلاكية، وبالتالي تطور الأسواق الداخلية.

لتتمة المحاضرة اضغط هنا

0 التعليقات:

إرسال تعليق